في سياق تراجع المساحة المخصصة للكتاب لصالح المساحة المخصصة لمقاطع الفيديو في مواقع التواصل الاجتماعي، نبتتْ ظاهرة خطيرة وهي ظاهرة "المثقّف الموسوعي"، ويمكن ببساطة تعريف هذه الظاهرة بأنّها شخص يتحدّث في كلّ شيء تقريبا؛ في الدين والتاريخ وعلم الآثار وعلم الاجتماع والفلسفة وعلم النفس والفيزياء وعلم الأحياء إلخ.. وإذا شئنا الدقّة قلنا إنّه "يهرف" في كلّ شيء! هناك إشكاليتان ترتبطان بهذه الظاهرة: الأولى: إشكالية أخلاقية تعود إلى هذا الذي طرح نفسه كـ"مثقف موسوعي" تحديدا، ذلك بأنّه لا يتورّع أن يقتحم مختلف المجالات بمجرّد أن يقرأ فيها كتابا أو كتابين، فهو معجب بفكرة أنّه "موسوعي" و"يفهم في كل شيء"! وقد تابعتُ أحد هؤلاء مرّةً فوجدته ينقل معلومات مغلوطة، ووجدتُه يزعم معرفته بإحدى اللغات (التي أُتقِنها) ليلقّن المستمعين الكرام معنى إحدى كلمات تلك اللغة بشكل مغلوط تماما، فعلمتُ فورا أنّه يهرف بما لا يعرف، وبأنّه لا يضيره أن يخطئ وينقل معلومات كاذبة، فالمهم أن يأخذ الجمهور انطباع "المثقف الموسوعي" عند الاستماع إليه! ولهذا، أعت